تلعب الأسماء الجغرافية دورا مهما في حياة الدول المعاصرة، اقتصادا وسياحة وثقافة، لذلك اهتمت هيئة الأمم المتحدة بها، فعقدت لها المؤتمرات والاجتماعات الدورية لتوضيح مدى أهميتها، فكان من أهمها “المؤتمر العربي الثالث للأسماء الجغرافية في بيروت في الفترة من 30-31 مايو 2007[1]، حيث عمل على تنظيم الشعبة العربية لخبراء الأسماء الجغرافية، وأقرَّ لها نظامها الداخلي، وكان من أهداف هذه الشعبة إبراز الفوائد الكبيرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية الناتجة عن جمع وضبط وحفظ وتوحيد الأسماء الجغرافية.
إن من غير المناسب أن تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة خالية من المعاجم الجغرافية، التي أبدع مؤرخو عدد من الدول المعاصرة في توفيرها في دولهم، في الوقت التي تقف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب هذه الدول أهمية وحضارة وتاريخا، ولعلها تتفوق على بعضها من خلال موقعها المتفرد على مدار التاريخ الإنساني، فجغرافياً تحتل الإمارات الركن الشرقي من شبه الجزيرة العربية ، وتتميـز بساحل طويل يطل على الجزء الجنوبي من الخليج العربي وشريط ساحلي ضيق على خليج عمان، مما يجعلها همزة وصل رئيسة بين الشرق والغرب، فمنها وعلى شواطئها كانت تعبر سفن وقوافل التوابل والمواد الخام إلى بلدان الشرق الأوسط، ثم إلى أوروبا، ومنها سار تجار الكارم إلى مناطق جنوب شرق آسيا، فاشتروا وباعوا فيها، لكن الأهم من ذلك أنهم عملوا على نشر الإسلام في تلك الربوع، دونما حرب أـو سيف أو مدفع.
أما اليوم فقد تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من الجمع بين المهارات والخبرات التجارية لمواطنيها المكتسبة، من كونها مركزاً للتجارة البحرية وصناعة اللؤلؤ منذ القدم ، وبين العائدات النفطية التي بدأت تتدفق في عام 1962م ، لخلق دولة رفاهية، تتسم في الوقت نفسه باقتصاد متنوع ، مما جعلها تتحول إلى مركز إقليمي رئيسي للصناعة والخدمات، بفضل احتياطياتها الضخمة من النفط ، حيث تعتبر الثالثة في العالم من حيث الاحتياطيات النفطية، والرابعة من حيث احتياطيات الغاز. ولهذ ليس من المناسب كا أشرنا أن يكون هناك قصور في وضع المعاجم الجغرافية بل والتاريخية في الدولة، التي يمكنها أن توازي عظمة الانجازات الضخمة في المجالات الأخرى.
إلى جانب ذلك، هدفنا من وراء وضع هذا المرجع حفظ أسماء المواقع المختلفة كما كانت، أمام الزحف العمراني والحضاري، التي قضى على كثير من هذه المواقع، مما جعل بعضها يغيب عن ذاكرة الأجيال المعاصرة والقادمة في الدولة، ذلك أننا نعتبر أسماء هذه المواقع جزءاً من تراثنا التاريخي والجغرافي، وهويتنا الحضارية، التي يجب أن تظل حية في ذاكرتنا، ونعتبر أن التباين الجغرافي بين إمارات الدولة، أوجد بيئات مختلفة منها البحرية والجبلية والصحراوية، وانفردت كل منها بخصائص متفردة، لا بد من التنويه والتعريف بها.
لقد شملت الأسماء الواردة في هذا الكتاب: المدن ومحلاتها وأحياءها، والتي درج الإمارتيون، وخاصة الصحفيين على تسميتها “مناطق”، والبلدات، والقرى، والهجرات، والوديان، والجبال، والطويان (موارد الماء القديمة) الزائلة والباقية، والسدود، ومناهل المياه المعروفة، والخباب بين الرمال، وكثبان الرمال، والقصور، والقلاع، والحصون، والأبراج، والقيعان، والهضاب، والوعاب، والسيوح، وغير ذلك مما له اسم معروف، أو كان له اسم واندثر، فحرصنا على ذكره ذكراً، يوازي حرصنا على ذكر ما هو معروف، وتحمل هذه الأسماء هويات مختلفة، منها التاريخية، والاقتصادية، والعائلية، والقبلية، والشخصية، لكن منها ما كان غير مقبول لدى المجتمع، فتم تغييره. وقد جهدنا في وضع صور لعدد كبير من المواد، بقدر استطاعتنا، مع ذكر المصادر التي استقينا منها هذه الصور، حفظا لملكية غيرنا الفكرية لها، وسيرا على المناهج العلمية في الكتابة.
وقد تم الاعتماد في توثيق ما ورد في الكتاب من أسماء على المؤلفات الجغرافية والتاريخية التي وقعت بين أيدينا، والصحف المحلية اليومية، والمجلات، والدوريات، وخاصة “الإمارات اليوم”، و”الاتحاد” و”الخليج”، و”البيان”، وملاحقها الإسبوعية والشهرية، فقد خصصت هذه الملاحق مساحات واسعة للشيوخ وكبار السن، ممن عاشوا في هذه الأماكن أو عاصروها، للحديث عن القرى وموارد المياه قديما وحديثا، وكان للمنتجعات، التي أقيمت حول العيون المائية الحارّة، والسدود مكان بارز في بعضها، كما تم الاعتماد على المواقع الإلكترونية الخاصة بكل إمارة وبلدية، ومواقع القرى المختلفة في جميع الإمارات، وكانت وسليتنا للوصول إلى كل هذه المواقع الشبكة العنكبوتية.
واتبعنا في تصنيف الأسماء الجغرافية الواردة في هذا الكتاب ذكر الاسم، وفقا لحروف المعجم الألفبائية، فجعلنا لكل حرف قسم وخاص، وسرنا في كل قسم وفقا للحرف الثاني فالثالث، ولم ننظر إلى أصول الاسم أو زوائدها، لأن جميع ما يرد هو أسماء مفردة، لمسميات مفردة، وكثير مما يرد منها في هذا الكتاب أعجمية، وقد ابتعدنا عن تسية كتابنا هذا بـ”المعجم”، لعدة ىأسباب منها عدم الشمولية، حيث نعتقد أن مزيدا من الجد والعمل الدؤوب يمكن أن يعثر على مواقع أخرى، لم تستطع قدراتنا الفردية العثور عليه، كما لم نقم بشكل أسماء هذه الموضوعات، لعجزنا عن ذلك، بسبب كوننا ليسوا من أهل البلاد، ولكون هذه الأسماء تقرأ بأشكال مختلفة بين إمارة وإمارة في بعض الأحيان، ونرجو في طبعة قادمة أن يتم ذلك، أما العنوان، فكان “المرجع في أسماء الأماكن والبقاع في دولة الإمارات العربية المتحدة”.
ومن هنا فلن ندعي الكمال والإحاطة بالموضوع، فإنما هي شذرات حرصنا على جمعها منذ خمس سنين، في أوقات العمل، وفراغات البيت، ومطالعات الكتب، ورحلات العمل، وتصفح الصحف اليومية المحلية، كما كانت نتاج بعض الأسفار والرحلات إلى عدد كبير من الأماكن في شتى إمارات الدولة، لم يكن لنا من فضل فها سوى الجمع والتنسيق والترتيب، مع عدم الاعتداء على ملكية ما نذكره من معلومات، ما أمكننا ذلك، فكثير من المعلومات الجغرافية توردها المواقع الرسمية والخاصة، دون ذكر مؤلفها أو كاتبها، وتلك نقيصة في التوثيق، نرجو أن يتلافاها أصحابها، ثم أحببت أن أنسقها وأنظمها وأقدمها للقارئ في الإمارات وخارج الإمارات، علَّها تسدّ فراغا، أرجو أن يكون سدَّه أتقن وأجود مع باحثين آخرين مستقبلاً، ولن يكون لي حينها من الشرف إلا المساهمة في وضع حجر أساس صغير، أرجو أن يكون في محله، في الدراسات المعجمية الجغرافية.
[1] المؤتمر العربي الثالث للأسماء الجغرافية، الرابط/ http://www.rjgc.gov.jo/RJG.aspx?PID=251&lang